،بعــد الانتهاء من مشاهدة الأخبــار على إحدى الفضائيــات
انتفضت كعــادتي واقفــاً أرغــي وأزبــد غاضبــاً مثل مشجعي الكــرة
،كلمــا هــزَّ هــدفٌ شباك مرماهم، ظــاهرة ألفهــا كل أفراد أسرتي
..ولكن أبــا ذر (ولدي الأصغــر) فــرغ صبره هذه المــرة، وأعلن الرفض
..وهذا عيــب إفتــراه على تقاليــد الأسرة الصغيرة
قــال أبا ذر غاضبــاً: حيرتنــا والله! مع من أنــت، مع الوطــن أم ضـــده؟؟
،ما زلــت َ تحشونــا بحب الوطــن ليل نهــار حتى أوشكنا أن نعبــده
وما فتئت تتحدث عن الشجاعة والشهامة والشهادة والنبل والأخلاق والتضحيــة
والمعاني السامية حتى ظننــا أن أهلونــا في الوطــن ملائكــة تمشي على الأرض
،وها أنتــذا تثــور وتفــور بعد كل خبر أو تعليق، تحب السلام
وتكره كل مفاوض يصافح العدو. تكره الحرب، وتقفز فرحـاً
.عند كل قذيفة خلف صفوفــه، تحيي أبطــال فلسطين صباحــاً وتلعنهــم مساءً حين يقتتلــون، حثيثــاً تتلقف أخبــار بغــداد وبيروت وتلقي " بعلبة التحكم “بعيــداً عند أول خبر تسمعه
تحدثنــا عن الحرية وتضعنــا في إقامــة جبريـــة، تزيد غربتنــا غربـــة!
.جميع أقنيـة التلفاز مشفرة إلا ما رحــم ربي
،أعرف أن ليلتي ستكون سوداء في اعتراضي اليوم
.ولكنني أذكرك بالديموقراطيــة التي نفختنــا بهــا علـّهــا تغفــر لي هذه المــرة
:وكمــا يفعــل الأب الوقــور، هززت رأسي ثم حككت ذقني مرتين وقلــت
،شوف يا أبــاذر
الحـــرية: أن تفكر كما تريد وتفعل ما يرضي أوليــاء الأمــر فقط
القضيــة: هي كل أمــر لا علاقــة لك بــه
السلام: اختصار للاستسلام
الاحتلال: هو تسوية لبعض الأمور
والديموقراطيــة: هي هذا الحوار الذي (أمليــه عليك الآن..)
بـَـــرَمَ أبــا ذر فــاهُ أسِـفاً على حالــي وقــال: ليتك تخلصنــا من هــذا التلفــاز يا أبـــي